وحدة شئون حوض النيل والقسم السودانى وفريق التحليل الفورى
ساعات مصيرية تعيشها السودان، كجزء من أجزاء النسخة الجديدة للشرق الأوسط الجديد، تقدم القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان للخطوط الأمامية للمواجهة بين الجيش وقوات الدعم السريع في مسارح العمليات بولاية الخرطوم، مع احتدام المواجهات خلال الأيام الأخيرة ، خاصة بعد الظهور المفاجئ لحميدتى في الأمم المتحدة بخطابه المثيرة، والذي روج فيه لسيطرة الدعامة على 75% من السودان.
وفي السياق، اندلعت مواجهات عسكرية عنيفة لليوم الثالث على التوالي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في محيط سلاح المدرعات جنوبي الخرطوم، إلى جانب اشتباكات متقطعة في منطقة المقرن وسط العاصمة.
وقال شهود العيان، إن دوي انفجارات متتالية وأصوات أسلحة ثقيلة سمعت في ساعات الصباح الأولى حول محيط سلاح المدرعات جنوبي الخرطوم.
ويعلق الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السودانى، أبو عبيدة برغوث، أن التصعيد العسكري الأخير في أغلب السودان يعود إلى مجموعة من الأفراد الذين يدعون إلى استمرار النزاع، حيث يرفضون فكرة السلام ويعارضون أي جهود للتفاوض مع الجيش.
هذه المجموعة اعتادت على تصعيد الأعمال العسكرية كلما ظهرت بوادر لبدء محادثات سلمية. و المعسكر الذي يرفض السلام يسعى من خلال هذا التصعيد إلى تأكيد وجوده وإثبات صحة موقفه، مما يعكس رغبته في مواصلة الحرب.
الوضع الراهن يعكس إخفاق خطط مجموعة المتطرفين، حيث يتعرضون للهزائم المتكررة في كل مواجهة. وأشار إلى أن الأحداث التي شهدتها الخرطوم مؤخرًا، والتي تسفر هزائم جديدة للجيش، تضاف إلى سلسلة من الإخفاقات التي يعاني منها.
وأوضح برغوث أن على دعاة الحرب أن يدركوا أن المسار الذي يسلكونه لن يؤدي بهم إلى أي نتائج إيجابية، بل سيقودهم فقط إلى المزيد من الهزائم المتتالية.
كما نبه برغوث إلى أن استمرار النزاع المسلح يعني تفاقم معاناة الشعب السوداني، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية للبلاد، مما يؤثر سلبًا على قدرات الجيش السوداني نفسه.
أفادت مصادر لقناة الجزيرة اليوم السبت عن اندلاع اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع “بشارع المعونة” بمنطقة الحلفايا بالخرطوم بحري .
أعلنت السلطات الصحية بولاية القضارف شرقي السودان، رصدها حالات إصابة بجدري القردة، في معسكر يأوي آلاف اللاجئين من دولة مجاورة.
ونقل موقع “سودان تربيون” عن المدير التنفيذي لمحلية المفازة بولاية القضارف، مصطفى محمد عبدالله، قوله: إن “السلطات الصحية في المحلية رصدت حالات إصابة بجدري القردة وسط اللاجئين في معسكر الطنيدبة”.
ودفعت ميلشيا الدعم السريع، منذ أشهر، بموجات من عناصرها نحو الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، معززة بالعتاد والسلاح، أملاً في قطف “الثمرة الأخيرة” في هذا الإقليم، وبحثاً عن نصر استراتيجي مهم، لكن المعركة المستمرة في المدينة ومحيطها، لم تنته بكسبٍ سريع لأي من طرفي النزاع، سواء الدعم السريع أو الجيش السوداني والحركات المسلحة المتحالفة معه.
وبدلاً من تحقيق أي مكاسب، تحولت المنطقة المتنازع عليها إلى “ستالينجراد” أخرى، المدينة الروسية التي تعرضت لدمار كبير خلال الحرب العالمية الثانية، ونظر إليها كلاً من الزعيم النازي أدولف هتلر، والزعيم السوفيتي جوزيف ستالين، على أنها “موقع مفصلي” تتوجب السيطرة عليه، أياً كانت الكلفة، حيث نظر إليها الأول على أنها كسر لإرادة السوفييت، بينما اعتبرها الثاني تعزيزاً لإرادة جيش بلاده، وبداية النهاية لتمدد “الرايخ الثالث” في كل أوروبا.
وبينما مثلت “ستالينجراد” أهمية استراتيجية، ليس للجانبين فحسب، إنما لحلفاء الدولتين، ولمكوناتهما الاجتماعية أيضاً، كانت أيضاً نقطة تحوّل مهمة في الحرب العالمية الثانية، وعلى نفس المنوال، مع اختلاف الفارق، تمثل معركة الفاشر الحالية، مركزاً لتقاطعات عدة، استراتيجية وإثنية.
كما أنها تُشكّل “بؤرة ساخنة” لأطراف إقليمية ودولية، تراهن على هذا الطرف أو ذاك في عملية “إعادة ترسيم” جيوسياسية بمنطقة تزخر بتحولات عميقة و”هزّات ارتدادية” لاصطدامات قوى عالمية، في كامل منطقة الساحل والصحراء الإفريقية، وصولاً إلى القرن الإفريقي، الذي يسخن، أكثر، تدريجياً في الوقت الراهن.
حسم غير مرجح
ويرى مراقبون أن سيطرة الدعم السريع على الفاشر، ستتيح لها كسر شوكة الحركات المسلّحة، وتجريد الجيش من حليفين مهمين، هما حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، ووزير المالية، جبريل إبراهيم، اللذين يقودان حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة، وسيصبح مستقبلهما السياسي “في كفِّ عفريت”.
كما ستمكنها من تأمين خطوط الإمداد المفترضة من كل جبهات السودان الغربية وحدوده، والانفتاح، أكثر، على جبهات أخرى، شرقاً وشمالاً، خاصة مدينة الأبيض في شمال كردفان، وولايتي الشمالية ونهر النيل، ناهيك عن العاصمة السودانية ذاتها التي بالوسع تطويقها، فيما يعتبر آخرون أن انتصار الجيش في الفاشر، والقضاء على وحدات الدعم السريع في هذه المنطقة، “سيقصم ظهرها، ويشيع روح الهزيمة في صفوفها، وستكون الهزيمة الأكبر التي تتلقاها منذ بدء الحرب، بعد استعادة القوات المسلحة معظم أنحاء أم درمان في العاصمة السودانية.
وسيمّكن النصر، الجيش السوداني من توفير خطوط إمداد آمنة لمحاولة السيطرة، تدريجياً، على بقية ولايات دارفور، وولايات كردفان، وفك الاختناق على ولايات النيل الأبيض، الجزيرة وسنّار، وكذا قطع بعض خطوط إمداد الدعم السريع.
فيما سيمثل انتصار الحركات المسلحة، إلى جانب الجيش، تعزيزاً لوجودها السياسي ومستقبلها في توطيد أركانها، وتسديد ضربة قاضية لخصم عنيد ظل على الدوام يقاتلها وينزل بها الهزائم، إلى جانب نظام البشير، قبل أن تتبدل الأدوار، فتصبح الدعم السريع هي المتمردة في الخطاب الرسمي السوداني، والحركات التي كانت توصف بالمتمردة سابقا، هي الحليف الموثوق به بالنسبة للجيش.
تحتدم المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في الفاشر، أبرز مدن دارفور، والتي يسكنها نحو 2 مليون نسمة، وذلك للسيطرة على آخر معاقل الجيش في الإقليم.