وحدة المشرق العربي
ساعات مصيرية تعيشها سوريا والشرق الأوسط، بعد موجات عبث الخيانات التى تعيشها سوريا بالذات في الأسبوع الأخير، وسط معاناة يعيشها السوريون منذ حوالى 14 عاما.
لن تروا سوريا التى تعرفونها مرة أخرى، فالحديث عن تقسيم وسوريات الآن، وسط غياب عربي تام، وكل يترقب دوره..والجيش السورى كما هو واضح يرفض الدفاع عن النظام السوري فينسحب ويتراجع ويترك ويسلم ، هذا كل ما يفعله خلال الأيام الأخيرة ، بدون قتال ولا مواجهة.
سقطت كبريات المدن كحلب ثم حماة في يد المعارضة الجهادية التى تشمل ميلشيات من كل أنواع المتأسلمين حول الأرض، وفي طريقها إلى أن تتحول لدولة إرهاب رسمية،تطلب الاعتراف بها بعد ساعات قليلة أو الأكثر.
“هيئة تحرير الشام”، باتت في مداخل حمص، ويبدو أن طموح أبو محمد الجولاني زعيمها هو الوصول إلى دمشق من خلال تصريحاته الأخيرة، إذ استخدم فيها اسمه الحقيقي أحمد الشرع بدلاً من لقبه الحركي، استعدادا ليكون خليفة الأسد.
تتحصن قوات الجيش السوري في العاصمة دمشق، في حين تتوالى حركة نزوح عائلات الضباط والموظفين الكبار في الدولة، الذين ينتمي معظمهم إلى الطائفة العلوية باتجاه مناطق الساحل السوري، في حين أن جيوباً صغيرة بدت تظهر خارج سيطرة النظام في أقصى جنوب البلاد وبالتحديد في ريف محافظة درعا، وهي منطقة كانت قد عادت إلى سيطرة دمشق بعد تدخل كل من روسيا وإيران و”حزب الله” في الصراع السوري.
وجرت مصالحات خرج على أثرها المسلحون لكن سيطرة النظام وقبضته الحديدية لم تحكم على سكان تلك المناطق.
وأعلنت فصائل عسكرية، تنحدر من مناطق جنوب سوريا، تشكيل غرفة عمليات عسكرية خاصة بمنطقتها، متعهدة الحفاظ على أمن الحدود الجنوبية للبلاد.
ودعت عناصر الجيش السوري إلى الانشقاق عنه، وكذلك طالبت بمساندة الدول مطالبها مع تأكيدها صون المؤسسات المدنية من التخريب، داعية في الوقت نفسه إلى استمرار عمله
وتعود أهمية تغير خريطة السيطرة لمصلحة المعارضة السورية إلى أن سيطرتها على محافظتي حلب وحماة، وإكمال السيطرة على ريف إدلب، تحمل وزناً سكانياً واقتصادياً كبيراً منذ تأسيس البلاد وحتى الوقت الحال.
كذلك فإن تمدد هذه السيطرة في ازدياد مستمر، فبعدما كانت نسبة سيطرة فصائل المعارضة تبلغ نحو 11 في المئة من مساحة الأراضي السورية، باتت الآن تتجاوز ربع مساحة البلاد.
وعلى رغم خسارة “قوات سوريا الديمقراطية” “قسد” الجيب الصغير في الشهباء بريف حلب الشمالي لمصلحة فصائل “الجيش الوطني السوري” المعارض، المدعوم من تركيا، التي أطلقت عملية موازية لتحرير الشام عرفت بـ”فجر الحرية”، فإن “قسد” متمثلة بوحدات “حماية الشعب” حافظت على وجودها في حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب.
ويبدو أنها لن تتنازل عن هذا الوجود وأن المفاوضات تتجه نحو تثبيت هذا الأمر، ولو بصورة مختلفة عن السابق مع “هيئة تحرير الشام” التي كانت جزءاً من تفاهمات إجلاء نحو 120 ألف شخص عبر ممر إنساني نحو مناطق الإدارة الذاتية
ومع صعوبة تقدير ما ستؤول إليه الأوضاع النهائية في سوريا جراء التطورات السريعة في الميدان حالياً، إلا أن توزع المساحات وتغيرها هي السمة الأبرز لواقع الحال.
ويقول الكاتب والباحث السياسي من مركز الدراسات الكردية شورش درويش “إذا ما توقفت المعارك عند هذا الحد، فإن تقسيماً بصورة ما سيحدث، وربما تتطور صيغته إلى لا مركزية أمر الواقع، وباتجاه اتفاق محدد وفق صيغ سياسية، لكن ما دامت هيئة تحرير الشام في تقدم مستمر في الميدان فإن الأوضاع تسير باتجاه السيطرة على المناطق السورية كافة بما فيها دمشق، وهذا مرتبط بصمود النظام في وجه هذا التقدم، وهذا الصمود غائب من دون الدور الروسي لا سيما بعد خروج الإيرانيين و’حزب الله’ من الساحة السورية”.
وتابع درويش أن نظام “هيئة تحرير الشام مخيف بالنسبة إلى دول الجوار سواء كانت الأردن أو العراق، وإلى حد ما لبنان، ولم يشر لإسرائيل.
وحول مناطق نفوذ روسيا في البلاد خصوصاً في الساحل السوري وكذلك العاصمة دمشق ومصيرها، أشار الباحث السياسي إلى أن “موسكو ما زالت تحت وقع المفاجأة ولم تستطع لملمة معطياتها، وكذلك تراجعت تركيا عن خطابها السابق إذ روجت، قبل فترة، أن حلب هي الولاية 82″، في إشارة إلى عودتها لمنطقة نفوذها وضمها لخارطتها السياسية، وغيرت باتجاه ضرورة حدوث تغيرات عميقة في سوريا وابتعدت عن أحلامها السابقة، وتتحضر لما ستؤول إليه الأوضاع وكيف ستنتهي.
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن مناطق ذات غالبية علوية، وهي الطائفة التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد وقادة كبار في الدولة، وهي المناطق الموجودة بريفي حماة وحمص الغربيين ومحافظتي طرطوس واللاذقية، لم تتحرك “هيئة تحرير الشام” باتجاهها حتى اللحظة، ربما تجنباً لإثارة الحساسيات الطائفية التي اشتدت خلال السنوات السابقة من عمر الأزمة السورية.
إلا أن مؤشرات التخوف من وصول الجولاني إلى دمشق تبرز لدى تل أبيب، التي يمكن أن تتدخل هي أيضاً لحفظ حدودها مع المنطقة الجنوبية لسوريا قرب الجولان ودرعا وربما وصولاً إلى السويداء.