جاءنا الآن
الرئيسية » نشرة الأخبار » إسلام كمال يسطر:كيف تواجه مصر كل هذه الضربات؟!

إسلام كمال يسطر:كيف تواجه مصر كل هذه الضربات؟!

لا يمر يوم تقريبا، إلا وتتعرض مصر لضربات استراتيجية عاتية، جديدة أو امتداد لقديمة أو تطور لحالية.

بالطبع هناك أطراف ظاهرة، وأخرى خفية، تتحالف فيها أطراف صهيونية عربية ضد الأمن القومى المصري، لنعددها معا:

تعنت إثيوبيا ومن وراءها 

*إفشال مفاوضات السد الإثيوبي..وإتهام أديس أبابا لنا بالاستعلاء والوقوف أمام الأحلام الإثيوبية الفقيرة للنمو، وسط صمت دولى، وخسارتنا لشقيق مهم كان مائعا، لكنه كان موجود للمناورة في بعض الأحيان، وأقصد السودان طبعا، مع الاستعداد للملء الخامس واستكمال الرتوش النهائية في السد، وسط حملة استعداء متعالية ضد مصر في إثيوبيا وإفريقيا، بتصدير الحديث عن انهيار السد وإفقار إثيوبيا، رغم أنهم بداوا في الترويج للإعداد للسد الجديد، مع إبراز تأخرهم في سداد قسط ب٣٣ مليون دولار فقط، لأغراض ما نرصدها.

الممارسات الحوثية المتصاعدة في باب المندب

*استمرار الممارسات الحوثية في باب المندب بشكل يؤثر على قناة السويس، بصورة تتعاظم يوميا، والقناة هى ملجأنا الوحيد تقريبا، للعملة الصعبة جدا، في عام عصيب ملئ بالالتزامات المالية التى تصل ل٤٣ مليار دولار، ولم يتوفر منها حتى نصفها..وارتفعت تكلفة الشحن والنقل، حوالى ١٧٠% بخلاف ارتفاع ما في البترول بسبب قلاقل الحرب، التى هدأت بشكل ما مع سحب واشنطن لحاملة الطائرات فورد، لعلمها بالتوتر الذى حدث في المنطقة أن كان تصفية الرجل الثانى في حماس صالح العارورى وما تلاه من تهديدات حزب الله الترويجية وتفجيرات مرقد سليمانى مع استمرار الهجمات الحوثية في باب المندب، وتركيز إسرائيل في سياسة الاغتيالات من جديد مع استهدافها قيادات حماس وحزب الله والحرس الثورى، مع فشل إتمام عدوانهم في غزة بإحكام.

تطورات الأزمة الاقتصادية واحتقان الرأى العام

كل هذه الضربات المعقدة، تموج في أجواء صعبة، حيث تطورات الأزمة الاقتصادية التى لا تتوقف بالذات منذ بداية العام، مع تحريك الأسعار بشكل ضاغط على الشعب، بخلاف التوترات في السوق التى وصلت بالدولار لسعر غير تقليدى في السوق الموازية والعقود الآجلة والذهب، وكل هذا يضع الجنيه والاقتصاد في موقف غاية في الصعوبة، والكل يترقب اجتماعات قيادات المجموعة المالية المصرية مع مجموعة صندوق النقد الدولى بمنتهى القلق، لأن أية ربكة جديدة ستؤدى بنا لمسار معقد للغاية، والمؤشرات طيبة بشكل ما في التصريحات لكن المهم بالنسبة لنا الإجراءات، وإن كنا لم نكن نريد الذهاب في طريق القروض من جديد ، حتى لا تتضاعف الديون أكثر وأكثر، خاصة أن الأجواء تزيد تعقيدات بشكل منوع حتى طال علاقاتنا مع الأخوة الضيوف في مصر، والءين يصلون لتسعة مليون نسمة، حيث بحملهم البعض مسؤولية المعاناة الاقتصادية، حتى تحول الأمر لأزمة اجتماعية نرصد أبعادها.

رأس الحية الحبشية تعود للبحر الأحمر

*وعودة لأديس أبابا لتكمل ثلاثيتها ضد مصر، وكأنها تحرز في المرمى المصري هاتريك مصيري في حرب وجودية رتب لها مشغلو رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، في منتهى الخبث والدهاء، وللأسف من ضمنهم أطراف عربية، الحديث يدور هنا عن الإتفاق المريب الذى أعاد إثيوبيا للبحر الأحمر، ورغم أنها من نقطة أبعد وليست قريبة بالشكل الكافي من باب المندب، أو مناطق مؤثرة جدا على مسار البحر الأحمر، لكنها تظل ضربة قوية لمصر، وظهر هذا في ردود الفعل المباشرة الفورية غير الاعتيادية على الدولة المصرية خلال الفترة الأخيرة، حيث اتصل الرئيس الصومالى بالرئيس المصري مستغلا بالطبع التوتر المصري الإثيوبي على خلفية أزمة السد الإثيوبي وتوتير إثيوبيا لأمن البحر الأحمر، ليحتمى بمصر من الاحتلال الإثيوبي الجديد القديم، حيث ستقام القاعدة العسكرية الاثيوبية وسيتم الاستغلال الاثيوبي لميناء بربرة الصومالى، في الإقليم الانفصالى غير المعترف به دوليا إلا من تايون، رغم تواجد عدة دول هناك منهم عرب وأجانب، مثل تركيا وإسرائيل.

الموقف المصري المؤيد للصومال 

وبالفعل دعمته القاهرة مقديشيو من خلال بيان رئاسي واضح، أكد فيه الرئيس السيسي على الموقف المصري الداعم لأمن الصومال، والرافض تماما لأي مساس بها، وبعده بعد ساعات صدر بيان مفصل من الخارجية المصرية ليؤكد على الموقف المصري، دون ذكر لإثيوبيا، وسط دهشة الكثيرين، بل وتم إرسال وفد مصري رفيع المستوى للثومال للتأكيد على الموقف المصري ، ناهيك على ما لا بمكن الإعلان عنه، لحماية الحظيرة الخلفية لمصر، مهما كان يتصور البعض بعدها.

التأخر الأمريكى في دعم الصومال 

كان غريبا تأخر واشنطن في دعم الصومال وانتقاد الاتفاق، بينما وقفت كل الأطراف الدولية مع الصومال بما فيها الاتحاد الأوربي، وروسيا والصين، رغم كونهم من حلفاء إثيوبيا، وكانت هناك مواقف مائعة من دول خليجية وإفريقية.. المشهد الآن بشكل إجمالى مرشح لحرب أو قلاقل على الأقل بين إثيوبيا من ناحية والصومال وإريتريا من ناحية أخرى، وهناك دعما دوليا كبيرا للصومال الآن، للتورط الإثيوبي مع إقليم إنفصالى غير معترف به دوليا، والمفارقة أن أديس أبابا لم تعترف به، ولم تلزم نفسها من خلال الاتفاق المفاجئ للبعض، بالاعتراف به. 

الضبع الإثيوبي في الملف السودانى 

ولم تمر سوى ساعات حتى ظهر الضبع الإثيوبي بصيحاته المستفزة معبرا عن انتصار جديد وممارسات مربكة ضد مصر، بتوقيع قائد ميلشيا الدعامة السودانية “حميدتى” ما سمى إعلان أديس أبابا مع التنسيقية المدنية تقدم، بقيادة رئيس الوزراء السودانى السابق حمدوك المقيم في الإمارات منذ فترة، والمفارقة المستفزة أن الإعلان التى تم بمباركة طرف خليجى يلعب في السودان والقرن الإفريقي والصحراء ووسط إفريقيا منذ فترة، دون تقدير للجيش السودانى وقائده الجنرال عبد الفتاح البرهان، والذى رفض نائبه هذا الإعلان معتبرا أن تنسيقية تقدم هى الحاضنة السياسية لميليشيات الدعامة، بقيادة حميدتى، الذى اختفي حوالى خمسة أشهر، حتى قيل أنه مات، لكن يبدو أنه كان مصابا وعولج تحت رعاية هذا الطرف الخليجى، الذى يضر بالأمن القومى المصري، ويظهر دعما ما في العلن لمربكى الأمن القومى المصري، رغم أنه يقدم نفسه على أنه شقيق داعم.

التعدد العنقودي المتزامن للأزمات

وحتى لا نغوض في كل ضربة، فنحن نستعرض كل ضربة بشكل سريع، تركيزا على فكرة التعدد العنقودى المتزامن، لتحقيق ربكة مؤثرة، فهناك ضربة أخرى تعرضت لها مصر منذ ساعات بتصفية الموساد للرجل الثانى في قيادة حماس صالح العارورى، في الوقت الذى كانت تكثف مصر جهود الوساطة بين فصائل المقاومة وإسرائيل للوصول لهدنة تتطور لوقف إطلاق نار ثم الحديث عن إعادة إعمار وقيادة فلسطينية منتخبة في غزة، لكن مما بدا على الأرض أن تل أبيب لم تعبأ بإحراج القاهرة، مقارنة بالصيد الثمين بالنسبة لها، العارورى، رغم أنه متاحا أمامها بالطبع، لكن كان الهدف الأهم هو تفجير المبادرة المصرية التى كانت قريبة للنجاح بدعم دولى وعربي وحتى من أطراف إسرائيلية، في وقت علت فيه أصوات إسرائيلية أخرى بقيادة نتنياهو نفسه، تهدد وتتوعد مصر وتتطاول عليها، من الإعلان عن اعتزام إعادة احتلال محور فيلادلفيا أو صلاح الدين الحدودى الفاصل بين غزة وسيناء، واتهام مصر بتهريب الأسلحة لغزة، أو على الأقل التساهل في عدم حماية الحدود لإدخالها، بل وتهريب قيادات حماس والأسري الإسرائيليين لسيناء، في محاولة لتوريط مصر بأية طريقة في المشهد، ردا على رفض مصر لكل مخططات الترانسفير الإسرائيلية وغيرها الكاملة والجزئية.

بل ونجحت مصر في دخول غزة وإقامة مخيم لحماية النازحين الفلسطينيين في خان يونس، وهذا كان ضد المخططات الإسرائيلية لكن تل أبيب لم تستطع منع مصر، وبالتالى كان من المهم أن يتم تعطيل الترتيبات المصرية، إما بتوريط مصر أو تفجير المشهد ، وهذا ما حدث بتصفية العارورى وقت اقتراب المبادرة من أمتارها الأخيرة، وإعادة جذب الأمريكان والغرب لهم بعدما مالوا ناحية الجانب المصري..

الخلافات المصرية الإسرائيلية 

وما كان من مصر التى أغضبت إسرائيل كثيرا بالتقارب مع إيران ورفضها الانضمام لتحالف دولى ضد الحوثيين رغم تأثر قناة السويس، إلا أن اتخذت موقفا مباشرا وفوريا ردا على الجريمة الإسرائيلية بتجميد علاقاتها مع إسرائيل كوسيطة مع الفلسطينيين، في اعتراض مشدد على هذه السياسة الإسرائيلية، التى يبررها البعض باحتياج نتنياهو لأى مكسب بعد انهياره في استطلاع الرأى أمام بنى جانتس وحتى أمام قيادات الليكود المتنافسين على خلافته، حتى لو وصل الأمر لتوترات مع مصر.

تهديد مصر 

والأمر الأخطر أن وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق أفيجدور ليبرمان، الذي عاد لعادته القديمة، وهاجم مصر وناوش بتهديدات عسكرية، وهو الذى كان هدد بضرب السد العالى منذ سنوات، ارتفعت أسهمه بشكل كبير بعدما كان منهار خلال الفترة الماضية، حتى أصبح القوة الرابعة في ترتيب القوي السياسية الإسرائيلية.

ليست بالصدفة

ونهاية لهذا الحديث، وليس النقاش كله، فإن هذه الضربات الأخطر الذى أشرنا لها في استعراض عام، تؤكد على مدى دقة التهديدات والأخطار المتزامنة، التى تحاصر مصر، وهى ليست بالصدفة بالمرة، فهناك محلل سياسي مخضرم مقرب لقيادة الليكود، عندما سألوه هل من الممكن أن تدخلوا في حرب أو مواجهة عسكرية ضد مصر ؟!، لم يجب إلا بقولة مستفزة، مصر بالطبع لا تريد ذلك ، فهى على شفا إعلان الإفلاس بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة الاى تعانى منها، والتعطيش بسبب السد الإثيوبي.

لكننا نقول له، حتى لو متنا من أجل أرضنا وعرضنا ومستقبل أبناءنا، فلن تحققوا مخططاتكم على جثثنا، بل نستشهد من أجل حقوقنا، وأبناؤنا يكملون الطريق، يصححوا المسار، ويواجهون الأخطار.

عن الكاتب

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *