بقلم بهاء حجازى
زكي رستم من مدرسة الاندماج في التمثيل.. بمجرد ما يدخل في الشخصية بينسي هو مين وميفتكرش غير الشخصية… مرة فيه مشهد بينه وبين فاتن حمامة… والمفروض يضربها قلم.. وعمك زكي اندمج.. ضربها القلم نترها مترين لقدام.. وانهارت بقى.. والمخرج والمصور يصالحوها
“وزكي رستم على لسانه جملة واحدة: “مش كفاية لعب عيال بقى”.. عايزين ناخد القلم من الزاوية التانية.. لان في السينما المشاهد بتااخد من كذا زاوية .. فهو كراجل عملي.. عايز الست فاتن تفوق من صدمتها علشان تنضرب القلم من زاوية تانية..
مرة تانية… كان بيمثل مع صباح في ستوديو ناصيبيان في فيلم هذا ما جناه أبي.. وكان مشهد في محكمة وبنوا الديكور.. والمفروض صباح متهمة بجريمة قتل… وزكي رستم المحامي اللي بيترافع عنها..
وفي وسط ما هو مندمج وبيقول ان هذه البرئية الحمامة الوديعة لا يمكن ان تقتل.. بيضرب عينه لقى صباح بتمص مصاصة.. وبترفع حواجبها… ودا خرج برا الشخصية.. ويمين تلاتة لاجيبها من شعرها.. وخلصوها من ايده بالعافية.
وفي تصوير فيلم الفتوة بطولة فريد شوقي وزكي رستم ،كان من المفروض زكي رستم بيدخل فريد شوقي الثلاجة ويقفل عليه، فريد كان بيحب زكي رستم وبيشوفه استاذه في التمثيل، وكان معجب قوي بادائه..
فحب يتفرج على زكي هيمثل ازاي اللقطة دي فخرج من الباب الثاني من ديكور التلاجة، وجلس جنب صلاح ابو سيف يتفرج على زكي، وزكي مندمج، وبيلف كدا يبص يلاقي فريد اللي هو حابسه قاعد تجت الشمية جنب صلاح ابو سيف،
قالهم استوب.. ازاي يا استاذ صلاح أكون لسه مدخل الاستاذ فريد جوة الثلاجة وألاقيه قدامي دلوقتي، ده كده بيخرجني برة المشهد لا يمكن اخش في الشخصية (انا عارف انك بتقرا الكلام بصوته).. وسي فريد قاعد برا دخلوه التلاجة ..
فدخل فريد التلاجة
مرة كمان كانوا عايزينه في فيلم جعلوني مجرما ، كلموه قالهم عايز 800 جنيه، وكان رقم كبير، ففريد شوقي قالهم سيبوه لما نوصل لمشاهده، المهم وصلوا لمشاهده، ففريد خد مدير الانتاج (رمسيس نجيب).. وراحوله.. ادوله الفلوس والعقود ومضى،
وقال لفريد انت عامل مكياج، بتصور فيلم تاني ولا إيه.. قال لا.. دا هو نفس الفيلم وعايزين حضرتك معانا.. فقالهم انتوا بتهزروا.. وقطعوا الشيك والعقود، وقالهم انتوا بوظتوا السينما.. انا محتاج شهر علشان ادخل في الشخصية واشوفلها مدخل واوجد مبرر لانقعالاتها.. ومشاهم من البيت..
فريد بيقول اتصلت بسراج منير، قلتله يا استاذ سرج بكرا الساعة 8 تيجي ببدلة كحلي في ستوديو نحاس.. قاله جاهز يا حبوب.. وراح صور الدور.. وصوره حلو كمان.. والحقيقة هي مدارس في التمثيل… فيه اللي يعرف يشوط من مرة واحدة وبيدخل بسهولة في الشخصية.. وفيه اللي بيعيش الشخصية بكل احساسيسه زي احمد زكي وزكي رستم..
زكي كان من فلتات فن التمثيل في العالم.. وصفته مجلة (لايف) الأمريكية بأنه من أعظم ممثلي الشرق، وأنه يشبه الممثل البريطاني (تشارلز لوتون).. اختارته مجلة (باريس ماتش) الفرنسية كواحد من أفضل عشرة ممثلين في العالم.
زكي رستم اصيب بفقدان السمع في فيلم الحرام وكان بيعتمد على شفايف الممثلين علشان يعرف ان ميعاد جملته جه ويقولها.. لكن في فيلم إجازة صيف.. كان موضوع السمع تفاقم ومبقاش سامع حاجة.. وكمان المخرج سعد عرفة (والد شريف عرفة) كتب اسم نيللي قبله.. فقرر انه كفاية كدا واعتزل.. ولزم بيته..
الفيلم كان سنة 66… وفضل بعيد عن الفن 6 سنين.. يصحي الصبح يتمشي هو وكلبه في شارع سليمان باشا… ويرجع يفطر واذا كان هيلعب بلياردو ويقرا وخلاص… حياة انطوائية لوحده.. مفيهاش غير خادم مخلص ليه.. عاشره لمدة 30 سنة.. وقبل وفاته مات الكلب بتاعه فزعل عليه جدا.
وفضل في عزلته لحد ما مات بأزمة قلبية حادة يوم 15 فبراير عام 1972.. وشيع جثمانه 4 أشخاص فقط، منهم الخادم الذي لازمه طوال رحلة حياته…
عن الكاتب
