جاءنا الآن
الرئيسية » جاءنا الآن » أحمد عزيز يسطر: أمل دنقل فتنة المتخيل وكسر الإيهام .. في مقابلة خاصة مع ابن نوح

أحمد عزيز يسطر: أمل دنقل فتنة المتخيل وكسر الإيهام .. في مقابلة خاصة مع ابن نوح

أحمد عزيز

(مزج أول)

“استطاع الكاتب أن يخلق عالمه الخاص ليحلق بالقارئ في فضاءات الإبداع.”
عبارة قد تسمعها في جل الندوات والأمسيات الشعرية التي تعقد في أماكن مختلفة من القاهرة، حتى يظن المرء أنها تعويذة أو صلاة يتلوها الناقد وإلا لاحقته لعنات آلهة النقد الأعالي.
والواقع أنني لا أظن أمل دنقل أدخلني يوما إلى عالمه الخاص، لكنني على يقين أنه استطاع – مع كل قراءة – أن يخرجني من عالمي الخاص ليتركني على حافة خطرة بين العالمين مشدوه الوجه، قلقا، حائرا، مرتبكا، عاجزا عن النوم …أدركت بعد حين أنه ليس من الحكمة مطالعة نص لأمل دنقل بعد الثامنة مساءً.

أمل دنقل
فتنة المتخيل وكسر الإيهام
في مقابلة خاصة مع ابن نوح

(مزج ثان)

يبدو لي أمل دنقل شخصا عاش قرونا عديدة قبل أن يولد في محافظة قنا عام 1940، شخصا عايش التراث، وأَّلم بدخائله وتفاصيله فهو شاهد عيان على شخوصه وأحداثه، يحكيه ويروي مشاهده بعين الرؤية، وليس بأذن السامع أو حتى بعقل من قرأ وبحث ودرس، فأمل دنقل عاش واقعه كحلقة أخيرة من حلقات حياته التراثية، فهو يمزج في قصيدته بين قديمه وحديثه، يولج التراث في الواقع، ويولج الواقع في التراث كسيرة ذاتية لا يجب فصل مراحلها الممتدة.

(مزج ثالث)

تبدو العلاقة بين التراث والواقع عند أمل دنقل كطبقات لصورة واحدة، عاشها ووعاها وأدرك أبعادها، ولا تتضح الرؤية إلا إذا وضعت طبقات التراث خلف طبقات الواقع، أو ربما أمامها، فإذا الصورة جلية بصدق ألوانها وعمق خطوطها، وترتسم ملامح الضوء والظل، قتامة الأسود ونصوع الأبيض، ومساحات شاسعة من الرماديات يتماهى فيها التراث مع الواقع، فإذا بالتراث واقعا معاشا، والواقع تراثا متجددا لم نغادره قط.

(مزج رابع)

لا يستدعي أمل دنقل التراث، أو يستلهمه ليسقطه على الواقع، فيعمد إلى الرمزية كآلية آمنة لطرح أفكار تتصادم في غالبها مع السائد المستقر، بل كان التراث دائما جزءاً أصيلا من خفايا القصة وأسرارها، لكن برواية أقرب إلى الموضوعية ومعيارية المنطق، فتدفع القارئ دفعا نحو تلك الحافة الخطرة ليقف بين سردية اكتسبت عبر التاريخ قداسة المسلمة والبداهة، وسردية جديدة تعيد النظر في الثابت السائد المستقر نقدا ونقضا سبرا لأغوار المعنى الكامن وبحثا مشروعا عن عين الحقيقة فيه.
لذا؛ كان النص الشعري عند أمل دنقل مفعما بالجماليات، بديع التخييل لكنه كذلك نص حرون يرفض ويجابه بشراسة الخيالات الماضوية وأوهامها، وفتنة المتخيل وتصوراتها الراسخة.

أمل دنقل
فتنة المتخيل وكسر الإيهام
في مقابلة خاصة مع ابن نوح

(مزج خامس)

تبدو هذه الحالة من التضاد أو الصدام أو المفارقة بين السرديتين مدخلا لكسر الإيهام لدى القارئ حتى بالمفهوم البريختي، فينهار الجدار الرابع لتشتبك الصالة مع خشبة المسرح، ويحاول كلٌ أن يتبين موضعه وموقفه من هذا العرض المسرحي، قد يرى المرء نفسه فجأة واقفا على الخشبة، وآخر لا يرى نفسه إلا متفرجا يجلس في الصالة، لكنه على وعي تام بأنه سيصعد في وقت ما حين يأتي دوره، بينما ينزوي آخرون في الصف الأخير هلعا من العرض الصاخب.

عن الكاتب

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *