جاءنا الآن
الرئيسية » جاءنا الآن » شهادات الضحايا: تحول الاغتصاب الجماعى لظاهرة في المدن التى يحتلها ميلشيا الدعم السريع!

شهادات الضحايا: تحول الاغتصاب الجماعى لظاهرة في المدن التى يحتلها ميلشيا الدعم السريع!

الخرطوم: إشراق عبد الله

مع طول أمد الحرب السودانية وتعقدها، تتصاع وتتنوع جرائم الابادة ومنها حالات الاغتصاب السادية، التى اتخذت أبعاداً مروعة، إذ بلغت الحالات الموثقة حتى الآن نحو 500 حالة في مناطق النزاع النشط، في حين يرى متخصصون أن هذه الأرقام غير دقيقة وقد تزيد بكثير بسبب عدم وجود فرق متخصصة في الميادين، إلى جانب أن عديداً من النساء والفتيات المغتصبات يؤثرن الصمت وعدم الإبلاغ خوفاً من العار والانتقام.

لا يزال العنف الجنسي يستخدم سلاحاً في الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” منذ اندلاعها في منتصف أبريل (نيسان) 2023، وبات السمة المميزة في الصراع الممتد في أجزاء واسعة من البلاد بخاصة ولايات الخرطوم والجزيرة ودارفور، خصوصاً في مناطق سيطرة “الدعم السريع”.

ورصدت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة ، وهي جهة حكومية تتبع لوزارة الرعاية الاجتماعية نحو 21 حالة تعرضت للاغتصاب خلال الأحداث الأخيرة التي شهدتها ولاية الجزيرة، إذ شنت قوات “الدعم السريع” حملات انتقامية على القرى الواقعة شرق وغرب وشمال تلك الولاية، نتيجة انشقاق القائد الميداني أبو عاقلة كيكل وانضمامه إلى الجيش السوداني.

ابنتى اغتصبت من الدعامة

تروي المواطنة السودانية عفاف إ. بصوت حزين والدموع تنهمر على خديها أن “الحرب اللعينة دمرت حياتنا فلم نعد نذوق طعم الحياة، فابنتي البالغة من العمر 17 سنة تعرضت لاعتداء جنسي من قبل عناصر يرتدون زي ’الدعم السريع‘ في ضاحية الحتانة بمدينة أم درمان، وحقيقة لا يمكن وصف مرتكبي هذه الحادثة إلا بالوحوش، فقد تسببوا في إحداث صدمة نفسية بالغة لابنتي، إلى جانب ما أصابها من آلام جسدية”.

وأضافت أم الضحية “بعد أن رأيتهم يجردون ابنتي من ملابسها حاولت أن أفديها بنفسي، لكنهم أشهروا أسلحتهم في وجهي وتعرضت للإساءة بألفاظ نابية كانت دلالاتها أنهم يريدون ابنتي.

فضلاً عن أن الشكوك كانت تراودني في روايات الاغتصاب ولم أتوقع أن تكون حقيقة حتى شاهدتها بعيني وصراخها يملأ أرجاء المنزل لإنقاذها من هؤلاء الوحوش، لكن لا حيلة كانت لنا غير الصمت”.

وتابعت “بعد أن وقعت ابنتي الوحيدة فريسة لرغبات هؤلاء المجرمين حاولت الانتحار مرات عدة بقطع شرايين يدها بسبب التشوهات النفسية، إذ إن طبيعتها تغيرت وأصبحت تميل إلى الوحدة والصمت وتجنب إخوتها الذكور، لذلك قررنا النزوح إلى دولة من دول الجوار، على رغم أننا لا نملك المال الكافي الذي يعيننا على السفر براً، وكل تطلعاتنا الابتعاد ما أمكن عن السودان الذي أصبح طارداً، لا سيما أن هذه الواقعة المؤسفة جعلت السكان يفكرون في الهجرة القهرية والبحث عن ملاذات آمنة”.

وأشارت الأم إلى أن “ابنتها الآن تخضع للعلاج النفسي وإعادة دمجها مرة أخرى في المجتمع، في حين أصبحت حالنا تنطبق على المئات من النساء والفتيات، لذلك من الضروري رفع الوعي الأسري واحتواء الضحايا”.

تفاصيل الاغتصاب

فيما سردت إحدى السيدات، فضلت عدم ذكر اسمها وتبلغ من العمر 32 سنة تفاصيل اغتصابها في ولاية الجزيرة بقولها “اضطررنا عقب دخول قوات ’الدعم السريع‘ إلى قريتنا الواقعة شرق ولاية الجزيرة إلى الفرار سيراً على الأقدام، وفي أثناء سيرنا اعترضتنا قوة عسكرية تابعة لتلك القوات قرب مدينة الحصاحيصا وجمع عدد من أفرادها النساء في مكان واحد وكذلك الرجال في مكان آخر، ثم اغتصبونا بصورة وحشية ومهينة، إذ كانوا يتناوبون على اغتصابنا على رغم توسلنا لهم، لكن المؤسف في الأمر أنهم يساند بعضهم بعضاً ويفتخرون بهذه الجريمة البشعة”.

وأردفت “فور وصولي إلى منطقة آمنة أبلغت عن هذه الحادثة في أحد المستشفيات حتى أجد العلاج خوفاً من حدوث حمل وبالفعل قام فريق طبي بإجراء اللازم، لكن آثار ما جرى لي من اغتصاب كان صادماً ولا يمكن نسيانه وجعل حياتي كئيبة وحزينة”.

الخرطوم ودارفور والجزيرة .. مناطق الجريمة

في السياق ذاته قالت عضو محامي الطوارئ في السودان سامية عبدالرزاق إن “المناطق التي تشهد نزاعات مستمرة، بخاصة مدن الخرطوم الثلاث ودارفور والجزيرة تتعرض النساء والفتيات فيها إلى اغتصاب ممنهج، والمؤسف أنه يشمل القاصرات في عمر الطفولة نتيجة لعدم وجود رادع يمنع التعدي الجنسي الذي أفرزه هذا الصراع وهو يندرج تحت مسمى جرائم الحرب، فيما يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وحقوق الإنسان”.

استرقاق النساء والإجهاض بعد الاغتصاب

ومضت عبدالرازق في القول “أعمال العنف التي تتعلق بالنزاع كثيرة، لكن ما تفشى منها الاختطاف بهدف الاغتصاب علاوة على الزواج القسري للقاصرات والاسترقاق وبيع النساء والفتيات في الأسواق، إلى جانب التحرش والحمل والإجهاض”.

وزادت “المشكلة أن المجتمعات السودانية تخشى وصمة العار، لكن في تقديري أن من طاولتهن جريمة الاغتصاب لا ذنب لهن وأن الهدف الأساس من الإلحاح في الإبلاغ ضمان حمايتهن وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي، فضلاً عن أن المغتصبة حين تسترجع الذكريات، بخاصة إذا ما تناوب في اغتصابها أكثر من فرد تحدث لها هزة نفسية عنيفة تؤدي إلى سلوك انتحاري”.

ولفتت عضو محامي الطوارئ إلى أنه “يجب عدم التأخر في طلب المساعدة حتى يكون بالإمكان منع الحمل أو إجراء عمليات الإجهاض وفق القانون، بخاصة أنه يعد بروتوكولاً طبياً مصدقاً عليه”.

انشقاق أبو عاقلة من أسباب الانتقام 

إلى ذلك أوضحت مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة سليمى إسحاق أنه “مع تصاعد وتيرة العنف الجنسي في الصراع خصوصاً في مناطق تجدد الاشتباكات والحملات الانتقامية التي يقوم بها ’الدعم السريع‘ في قرى الجزيرة، عقب انشقاق أبو عاقلة كيكل وانضمامه إلى الجيش السوداني، أدت إلى مزيد من الاغتصاب والقتل والترويع.

وتبين أن أعداد الضحايا يمكن أن تكون أكثر من التي وردت إلينا في الوحدة البالغة نحو 21 حالة من بينها 17 في قرية واحدة، إلى جانب ثلاثة تم استهدافهن داخل مركز طبي”، وأردفت “في حقيقة الأمر نواجه صعوبات بالغة في الوصول إلى النساء والفتيات الناجيات وهن في حال نزوح وتنقل من منطقة لأخرى، مما يعقد الجهود الرامية إلى تقديم المساعدة، إلى جانب توقف خدمات الاتصالات والإنترنت وضعف الرعاية الصحية”.

عن الكاتب

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *