وحدة الشئون الخليجية
تطورات متلاحقة، لم يكن يتصورها الكثيرون ، مع طرد قيادات حركة حماس من الدوحة ، كاستعداد قطرى لإدارة ترامب، على خلفية طلب الولايات المتحدة من قطر طرد قادة “حماس” من أراضيها.
بعد تجميد دور الوساطة الذي تلعبه بين الحركة وإسرائيل، غادر قادة الحركة الفلسطينية العاصمة الدوحة متوجهين إلى عواصم مختلفة، بحثاً عن مكان آمن يناسب نشاطهم السياسي، لكن يبدو أنه من الصعب عليهم إيجاد بقعة تسمح لهم بحرية عمل فصائلي.
الاعنراف القطرى
وأقرت قطر بصورة رسمية مغادرة قيادة “حماس” أراضيها، إذ جاء على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها ماجد الأنصاري أن “قادة فريق التفاوض الحمساويين غير موجودين في الدوحة حالياً ويتنقلون بين عواصم مختلفة”
وقادة “حماس” تفرقوا في أكثر من دولة ويبحثون في العواصم عن إمكان استضافة نشاط الحركة، لكنهم يواجهون عراقيل كثيرة ورفضاً واضحاً لأي عمل حزبي داخل الأراضي التي يزورونها.
وتفيد المعلومات الواردة أن رئيس العلاقات الخارجية في “حماس” أسامة حمدان غادر لبنان إلى موريتانيا، وهناك التقى قادة سياسيين وزار الرئيس محمد ولد عبدالعزيز في القصر الرئاسي، وطرح عليهم إمكان استضافة مكتب الحركة السياسي.
الموقف الموريتانى
ووجد وفد “حماس” في موريتانيا تضامناً غير محدود، لكن نواكشوط رفضت فكرة فتح مكتب تمثيلي رسمي للحركة ووافقت على استقبال بعض القادة كحالات إنسانية بعدما ضاقت بهم الأرض نتيجة الحرب والملاحقة، شرط عدم ممارسة أي نشاط سياسي.
وتكرر هذا السيناريو مع وفد “حماس” الذي يزور الجزائر برئاسة عضو المكتب السياسي سامي أبو زهري، إذ رفضت وزارة الخارجية فتح مكتب سياسي للحركة على أراضيها، لكنها وافقت على منح بعض قادتها إقامات إنسانية والقليل من العمل السياسي الذي يقتصر على بعض المؤتمرات الصحافية فقط، ثم بعد ذلك سحبت منهم هذه الصلاحيات.
وتشير المعلومات أيضاً إلى أن قادة “حماس” الذين ضاقت بهم الأرض استقبلوا اتصالات مع عواصم عربية تفتح لهم أراضيها لاستضافتهم مع إمكان ممارسة نشاطهم السياسي، لكن الحركة رفضت ذلك لانعدام الأمن، دون تحديدها، لكن يدور الحديث حول السودان واليمن وليبيا.
العرض الحوثي
واتصل القيادي في المكتب السياسي لجماعة الحوثيين اليمنية محمد البخيتي بأعضاء قيادة “حماس” وأبلغهم إمكان استضافة مكتبهم السياسي في صنعاء مهما كانت العواقب.
كما كتب محافظ ذمار عضو المكتب السياسي لحركة “أنصار الله” الحوثيين في اليمن محمد البخيتي في تدوينة عبر منصة “إكس”، “نرحب بقادة ‘حماس’ في صنعاء”، لكن الحركة رفضت العرض لعدم توافر الأمان لأعضائها.
ونقل أن “حماس” تلقت اتصالاً من قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان يعرض إمكان استضافة مكتب الحركة في العاصمة الخرطوم، لكن وزارة الخارجية السودانية نفت ذلك وقالت إن ذلك غير صحيح.
ضاقت بهم الأرض
وفي ظل هذه الأجواء قرر كبار قادة “حماس” السفر إلى تركيا من أجل التباحث حول إمكان التوصل إلى اتفاق في شأن فتح مكتب سياسي للحركة واستضافة عناصر الفصيل في أنقرة، وهو ما كشفت عنه هيئة البث الرسمية الإسرائيلية (كان).
وانتشرت صورة لوفد “حماس” الذي يزور تركيا في لقاء جمعهم مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، وتبيّن اللقطة أن الطرفين يجرون محادثات شفهية مما يؤكد وجود قادة الحركة الفلسطينية في أنقرة.
وبين تركيا و”حماس” علاقات جيدة، وهي العلاقات الطيبة نفسها التي تجمع أنقرة مع تل أبيب، وعلى رغم ذلك فإن الدوائر الرسمية التركية تظهر تعاطفاً وانحيازاً إعلامياً قوياً مع “حماس” زاد مع بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل 13 شهراً.
القرار التركى
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بصورة علنية إنه “لا أحد يستطيع أن يجعلنا نصنف ‘حماس’ منظمة إرهابية، وتركيا دولة تتحدث بصراحة مع قادة الحركة وتدعمهم بقوة”.
كما أعلن أردوغان يوم حداد في بلاده بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ “حماس” إسماعيل هنية، كما خفضت السفارة التركية في تل أبيب علَمها إلى نصف السارية حداداً.
وبين الفينة والأخرى يزور قادة “حماس” الأراضي التركية ويلتقون قادة بارزين في أنقرة، ومن بين تلك اللقاءات اجتمع رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالن مع قادة من المكتب السياسي للحركة في شأن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة،
الدوحة وأنقرة
وعلى رغم هذا الود فإن تركيا قد لا توافق على استضافة مكتب “حماس” السياسي وقد تستقبل قادة الحركة لأسباب أخرى، إذ قال أردوغان إن “مكان قادة ‘حماس’ الطبيعي هو الدوحة وليس أنقرة”.
وفي مايو (أيار) الماضي أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن انتقال قيادات “حماس” إلى أنقرة أمر غير وارد في الوقت الحالي، وأن الحركة ستتحول إلى سياسية بعد قيام الدولة الفلسطينية، داعياً إياها إلى اتخاذ موقف حاسم في ما يتعلق بحل الدولتين.
وقد تكون التصريحات الرسمية لتركيا بسبب ضغوط أميركية كبيرة لرفض استضافة قادة “حماس” بصورة دائمة على أراضيها، إذ حذرت الخارجية الأميركية تركيا من إيواء الحركة، وقال المتحدث باسمها ماثيو ميلر إن “واشنطن ستوضح للحكومة التركية أنه لا يمكن أن تستمر الأمور مع ‘حماس’ كالمعتاد”.
التنسيق التركى والقطرى
وبعيداً مما هو علني فإن وجود قادة “حماس” في تركيا يبدو أمراً له أسباب، ويشرح أستاذ العلوم السياسية ثابت العمور أن “هناك انسجاماً وتنسيقاً بين الدوحة وأنقرة، فقد التقى أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني قبل أيام الرئيس التركي وناقشا ملف غزة بتمعن”.
ويضيف العمور أن “هذا اللقاء يعزز من كون تركيا الوسيط الجديد بين الحركة وإسرائيل، لكن وفق ضوابط وتبادل أدوار، مما يعني أن يبقى قادة ‘حماس’ في أنقرة لفترة طويلة نسبياً”.
ويتابع أن “سفر ‘حماس’ إلى أنقرة جاء بعد أيام فقط من زيارة رئيس الـ ‘شاباك’ إلى تركيا بهدف الاجتماع مع رئيس الاستخبارات هناك لبحث صفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق نار عبر وساطة تركية”.
لا نشاط فصائلى
وحول وجود قادة “حماس” في أنقرة، يوضح العمور أنهم لن يكونوا هناك كممثلين فصائليين بل كفلسطينيين يحملون جنسية تركية، موضحاً “لا تتعارض زيارة وفد ‘حماس’ مع التحذيرات الأميركية، فالقيادات الحمساوية حاصلة على الجنسية التركية وهم موجودون في تركيا بصورة طبيعية”.