في مشهد صادم بكل معانى الكلمة، أظهر أن الخوف والرعب هو سيد الموقف، وبالتالى مصر وبالذات سيناء تحت التهديد، مع دخول حرب إبادة غزة لمرحلة الاجتياح البري، نفذ مئات الآف من الفلسطينيين أوامر جيش الاحتلال الإسرائيلي بالرحيل عن بيوتهم في الشمال نحو الجنوب، وعدم العودة إلا بأوامر أخرى، وللأسف كان نصيب من سمع كلام العدو القتل بدم بارد كالعادة، دون أية إدانة دولية، والخطورة الأكبر فيما تريده إسرائيل من هذا كله، خاصة أن نتنياهو كان يقول أننا لانزال في البداية والحرب طويلة.
وكان قد أمر الجيش الإسرائيلي، صباح الجمعة، سكان مدينة غزة، شمالي القطاع، بمغادرة منازلهم والتوجه إلى المناطق الجنوبية من القطاع “وادى غزة” خلال 24 ساعة، حيث سيبدأ عملية عسكرية في المنطقة التي سيتم إخلاؤها، مما جعل السكان في سباق مع الزمن، بحثا عن الأمان.
وقالت الأمم المتحدة في بيان، إن هذا القرار يعني “نقل 1.1 مليون مواطن إلى جنوبي القطاع في ظرف يوم واحد، وهو الأمر الذي من المستحيل أن يحدث دون تبعات إنسانية مدمرة”.
وفي هذا الشأن، أوضحت مراسلة قناة الحرة الأمريكية الموالية لإسرائيل ، لدى مغادرتها مدينة غزة نحو جنوبي القطاع، أن الأوضاع كانت “متوترة ومقلقة للغاية” في أعقاب بيان الجيش الإسرائيلي الذي طالب الجميع بإخلاء المنطقة.
وأضافت: “الآلاف من سكان المدينة حاولوا تأمين المواصلات والطريقة الآمنة للوصول إلى المناطق الجنوبية فور سقوط المنشوارات الإسرائيلية عليهم، رغم إنهم كانوا يهتفون في المظاهرات بعدم ترك ديارهم حتى لا يتكرر ما حدث مع أجدادهم في النكبة الأولى.
وشرحت أنهم “تحركوا في الشوارع دون أية خطة، وكان هناك حالة من الذعر والخوف ولا يعرفون إلى أين يتجهون”، وفي ظل اكتظاظ المدينة، ومحاولات تأمين مواصلات للخروج، “يضطر من لا يتمكن من الحصول على وسيلة نقل إلى البقاء، وغالبيتهم يتوجهون نحو مستشفى المدينة المركزي، الذي لم يعد هو الآخر قادرا على استيعاب أعداد الأهالي الكبيرة”.
وتابعت: “الناس تحركوا دون أن يعلموا ما إذا كانت الطريق التي سيتحركون فيها آمنة أم لا، فلا مكان آمن في غزة، ولا نعرف متى ستبدأ العملية التي أعلنت عنها إسرائيل”.
ولم يعلن الجيش الإسرائيلي عن طبيعة العملية العسكرية التي ينوي القيام بها في قطاع غزة، لكنه أكد “الامتناع عن التعرض إلى المدنيين”.
كما طالب جيش الاحتلال المدنيين بـ”الابتعاد عن مسلحي حماس بدعوى أنهم يستخدمونهم دروعا بشرية”، قائلا: “يختبئ عناصر حماس داخل مدينة غزة في الأنفاق تحت البيوت وداخل مباني مكتظة بالسكان الأبرياء”.
فيما دعت حركة حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة منذ أيام قليلة على لسان بايدن نفسه)، المواطنين في غزة إلى عدم الانصياع لدعوات الجيش الإسرائيلي، وقالت في بيان إن الفلسطينيين يرفضون ترك “منازلهم (ف غزة) والرحيل عنها إلى الجنوب أو مصر.
ورفضت عدة دول عربية هذه الدعوات العسكرية الإسرائيلية، وفي مقدمتها المتضررة الأولى مصر، بالإضافة للجامعة العربية، وحذر العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، الجمعة، من “أية محاولة لتهجير الفلسطينيين قسرا من كافة الأراضي الفلسطينية أو التسبب في نزوحهم”.
ودعا الملك الأردني إلى “منع امتداد الأزمة إلى دول الجوار، وتفاقم قضية اللاجئين”.
وطالب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، الجمعة، بـ”ضرورة منع إسرائيل من اقتراف جريمة حرب”، بعد مطالبتها سكان شمالي قطاع غزة بالتوجه إلى جنوبه.
وأوضح أبو الغيط في رسالة عاجلة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش “بضرورة أن يضع ثقله السياسي والمعنوي للحيلولة دون جريمة حرب جديدة تخطط إسرائيل لارتكابها، كجزء من حملتها.. ضد قطاع غزة، عبر مطالبتها كافة سكان شمالي القطاع بالانتقال فورًا إلى جنوبه”.
وذكر المتحدث باسم الأمين العام للجامعة، جمال رشدي، أن أبو الغيط قال إن “هذه الجريمة الجديدة تجاوزت كل حد معقول، وأنها ستؤدي إلى معاناة لا حدود لها لإخواننا الفلسطينيين من سكان القطاع، فضلًا عما تمثله من انتهاك صارخ وفج للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر على القوة القائمة بالاحتلال بمباشرة نقل قسري للسكان، أو ترحيل أي من الأشخاص المشمولين بالحماية في الإقليم الذي يقع تحت الاحتلال”.
وبالفعل وفق إحصاءات أممية ، فإن أكثر من 423 ألف شخص أُجبروا على الفرار من منازلهم في قطاع غزة الذي يتعرض لقصف إسرائيلي
بريطانيا تنصح رعاياها في غزة بالانتقال إلى جنوبي القطاع.
وشاركت السعودية والكويت ، الجامعة العربية والأردن ومصر مواقفهم.
فيما إنصاعت وزارة الخارجية البريطانية، إرشادات السفر لتطلب من مواطنيها في غزة إتباع النصائح الإسرائيلية والانتقال إلى جنوب غزة خلال الساعات الأربع والعشرين القادمة.
وأعرب رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، عن “رفضه الكامل لأي تهجير” لسكان قطاع غزة، مطالبا بـ”ضرورة السماح بفتح ممرات إنسانية عاجلة لقطاع غزة”.
وطالب عباس بـ”وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بشكل فوري”، وذلك خلال لقائه مع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بالعاصمة الأردنية عمان، وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”.
كما اعتبر أن “تهجير سكان القطاع سيكون بمثابة نكبة ثانية لشعبه”، داعيا إلى “ضرورة السماح بفتح ممرات إنسانية عاجلة لقطاع غزة، وتوفير المستلزمات الطبية، وإيصال المياه والكهرباء والوقود للمواطنين هناك”.
وحذر رئيس السلطة الفلسطينية من “حدوث كارثة إنسانية في قطاع غزة جراء توقف كافة الخدمات الإنسانية في قطاع غزة، وتوقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة”.
ويجب أن نعرف الآن ، ماذا يريد الاحتلال من هذه التحركات، ولماذا اهتز الفلسطينيون ونفذوا أوامر الإحتلال فورا؟!
في خطوة تقرب أكثر وأكثر من التكهنات المتعلقة بساعة انطلاق الهجوم البري، كان طلب الجيش الإسرائيلي، من السكان إخلاء مناطق شمالي قطاع غزة، بالتزامن مع حملة قصف جوي مكثفة يشهدها القطاع الذي تسيطر عليه حركة حماس.
خلال الأيام الست الماضية التي تلت تنفيذ مسلحي حماس هجوما مباغتا على مستوطنات إسرائيلية في غلاف غزة، حشدت إسرائيل نحو 300 ألف من جنود الاحتياط ودبابات ومدرعات وآليات عسكرية مختلفة على الحدود مع القطاع، بخلاف مساعدات أمريكية وغربية لاجتياح غزة ومحوها من الخريطة.
حتى اللحظة لم يناقش المسؤولون الإسرائيليون أي تفاصيل عسكرية تتعلق بالهجوم البري، سوى تصريحات أطلقها وزير الدفاع يوآف غالانت قال فيها إن “وقت الحرب حان” ووعده بشن حملة تتفوق على أي حملة خاضتها بلاده على الإطلاق لمحو حماس “من على وجه الأرض”.
في الميدان، تشير كل التحركات الإسرائيلية إلى أن الهجوم البري بات وشيكا جدا، حيث تتواصل الغارات العنيفة على مناطق عدة في قطاع غزة منذ أن نفذت حماس هجوما صادما وغير مسبوق عبر الحدود على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر الجاري.
يقول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن “هناك تكثيفا للغارات على أهداف حماس، وطريقة استهداف هذه المواقع تأتي وفقا للمناطق الجغرافية تباعا.. بدأنا ببيت حانون وبعدها جباليا وحيي الرمال والفرقان”.
ويضيف أدرعي في حديث لموقع “الحرة” الأمريكى أن سلاح الجو الإسرائيلي ينوي الآن تنفيذ ضربات مكثفة على مدينة غزة الشمالية بالتحديد، لوجود الكثير من أوكار حماس فيها”.
وفي رد على سؤال بشأن الهجوم البري المرتقب، علق أدرعي بالقول “أنا لا أتحدث عن جدول زمني أو عن المراحل المقبلة من الحرب، لكن ما أستطيع قوله هو أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة”.
ويشير المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إلى أن هناك الكثير من الآليات العسكرية والدبابات على الحدود مع غزة ومئات آلاف من جنود الاحتياط، لافتا إلى أن “هذه التحركات تُهيئنا للمرحلة المقبلة التي قد تتخذها إسرائيل”.
مؤخرا أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سينفذ عملية “كبرى” في مدينة غزة في الأيام المقبلة ولن يتمكن المدنيون من العودة إلا بعد صدور بيان يسمح بذلك.
ويقدر مسؤولون إسرائيليون سابقون أن لدى حماس نحو 20 ألف مقاتل في غزة.
كذلك فإن “شمال غزة من الناحية العسكرية منطقة قريبة من احتياطات الجيش الإسرائيلي ومعظم عمليات التسلل الفلسطينية جرت عبره
“دفع السكان للجنوب بالتزامن مع حملة القصف المكثفة الإسرائيلية في الشمال، هي مؤشر على أن التدخل البري سيبدأ من هذه المنطقة أو ربما إنشاء منطقة حزام عازل جديد في أجزاء كبيرة من شمال وشرق غزة من أجل إبعاد مدى المستوطنات الإسرائيلية عن أي هجوم يمكن أن يحدث مستقبلا”.
الجنوب فيما لو شهد أي تحرك عسكري فستكون هناك مشكلة مع مصر بسبب الحدود المشتركة واحتمال اندفاع الفسطينيين لعبور الحدود، وكذلك يمكن أن يدخل الطيران الإسرائيلي المجال الجوي المصري وبالتالي هناك الكثير من التعقيدات”.
في بيان صدر الجمعة، قال الجيش الإسرائيلي في إنه قصف 750 هدفا للمسلحين في شمال غزة خلال الليل، بما في ذلك ما قال إنها أنفاق تابعة لحماس ومجمعات ومواقع عسكرية ومنازل لقادة الحركة ومستودعات أسلحة.
ومع ذلك يمكن أن يواجه أي عمل عسكري إسرائيلي بري في غزة خصما حشد مخزونا هائلا من الأسلحة وحفر شبكة أنفاق واسعة لتفادي المهاجمين وأظهر في حروب برية سابقة أن بوسعه إلحاق خسائر بشرية أكبر بالقوات الإسرائيلية في كل مرة.
بدوره يؤكد أدرعي أن “القوات الإسرائيلية لديها معرفة بشبكة الأنفاق التي أقامتها حماس، ومعظمها تم قصفها بشكل مكثف قبل ثلاثة أعوام”.
ويشدد أدرعي أن “هذه الأنفاق موجودة داخل مناطق سكنية وبالتالي نريد أن يبتعد الناس عنها حتى نتعامل مع هذا التهديد وفق ما نعرفه”.
ويشير إلى أن “الأولوية في الجيش الإسرائيلي حاليا هو تنفيذ الخطة العسكرية وتسديد أكبر قدر ممكن من الضربات لحماس وتعزيز الحماية والدفاع في مناطق جنوب إسرائيل وفق خطة واضحة المعالم تم إقرارها”، متجاهلا كم الأبراج التى تم استهدافها ومات كل من فيها من مدنيين.
ووصفت مصر، مطالبة الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء شمال غزة والتوجه جنوبا، بأنه “يعد مخالفة جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني وسوف يعرض حياة أكثر من مليون مواطن فلسطيني وأسرهم للمخاطر”.
وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية إن الإجراء يعرض المدنيين “لمخاطر البقاء في العراء دون مأوى في مواجهة ظروف إنسانية وأمنية خطيرة وقاسية، فضلا عن تكدس مئات الآلاف في مناطق غير مؤهلة لاستيعابها”.
وطالبت مصر “الحكومة الإسرائيلية بالامتناع عن القيام بمثل تلك الخطوات التصعيدية، لما سيكون لها من تبعات خطيرة على الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة”.
وطالبت مصر كذلك مجلس الأمن “بالاضطلاع بمسؤوليته لوقف هذا الإجراء، ودعت الأمم المتحدة والأطراف الفاعلة دوليا، إلى التدخل للحيلولة دون المزيد من التصعيد غير محسوب العواقب في قطاع غزة”.
وقالت الأمم المتحدة إن إجلاء الجميع أمر مستحيل مع انقطاع إمدادات الكهرباء ونفاد الغذاء والمياه في القطاع بعد أسبوع من الغارات الجوية الانتقامية والحصار الإسرائيلي الكامل. ووصفته الولايات المتحدة بأنه أمر صعب.
ويضم النصف الشمالي من قطاع غزة أكبر تجمع سكاني في القطاع، في مدينة غزة. وقالت الأمم المتحدة إنه تم إبلاغها بأن إسرائيل تريد أن يتحرك جميع السكان إلى جنوب القطاع.
وبالفعل، غادر السكان الذين يعيشون في شمال القطاع بالسيارات وعلى دراجات نارية وشاحنات وعربات يجرها الحمير وعلى الأقدام، بحسب ما أفاد مراسل فرانس برس.
و أعلن الجيش الاحتلالى ، أن قواته البرية والمدرعة داهمت قطاع غزة “في الأربع وعشرين ساعة الماضية”، قبيل هجوم برّي متوقع على القطاع الفلسطيني المكتظ بالسكان.
وجاء في بيان الجيش “على مدى الأربع والعشرين ساعة الماضية، نفذت قوات الجيش الإسرائيلي مداهمات محلية داخل أراضي قطاع غزة” للبحث عن “المقاومين” و”الأسلحة” مضيفا أنه خلال هذه العمليات، بُذلت جهود أيضًا “للعثور على المفقودين والأسري”.
وقالت رويترز إن وحدات من المشاة والدبابات الإسرائيلية شاركت في غارات على غزة بهدف تحديد مواقع إطلاق الصواريخ ورصد مؤشرات على أماكن احتجاز المختطفين.
والمحاولات البرية السابقة معروف أن خبراتها بشعة للإسرائيليين، ومنها واقعة خبير المتفجرات، إيال، الذى يبلغ من العمر 26 عاما، عندما دخل قبل 9 سنوات إلى مشارف قطاع غزة لأول مرة، ويبدو أنه يتأهب للدخول مع القوات الإسرائيلية في عملية برية متوقعة بمواجهة حركة حماس، وفقا لما ذكرت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية في تقرير خاص.
وعن دخول الأراضي الفلسطينية التي تسيطر عليها حماس، أجاب إيال، الذي لم يكشف عن اسمه كاملا: “إنه كابوس حقيقي، فأي شيء تلمسه يمكن أن يكون قنبلة، وأي شخص تراه قد يكون مسلحا من الفصائل.. عليك أن تتحرك ببطء وحذر، والأمر الوحيد الذي يبقيك على قيد الحياة هو مدى جودة تدريبك”.
وتهدف العملية الإسرائيلية البرية المتوقعة، وفق تصريحات قادة عسكريين إسرائيليين، إلى القضاء على قدرات حماس داخل منطقة تعتبر الأعلى كثافة سكانية في العالم، وذلك بعد الهجوم الذي شنته الحركة الفلسطينية، المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة وعدد من الدول، على مستوطنات الغلاف السبت الماضي .
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، الذي أرسل قوات برية في عام 2008 إلى القطاع، البالغ طوله 40 كيلومتراً خلال “عملية الرصاص المصبوب” التي استمرت 3 أسابيع، إن ما ينتظر الجنود الإسرائيليين هو “كل ما يمكن تخيله وما هو أسوأ”.
وأضاف: “لن يكون الأمر بسيطاً، ولن يكون ممتعاً لنا أو لهم.. ونظراً للإخفاقات الاستخباراتية الواضحة التي سبقت هجوم يوم السبت، فمن الممكن أن تتجه القوات الإسرائيلية نحو استخدام قاذفات جديدة، أو أنواع جديدة من الصواريخ الأقوى والأكبر حجماً”.
وعلى عكس المرات السابقة، عندما تم إرسال قوات لتحقيق أهداف محدودة، فقد تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بـ”القضاء نهائيا على حماس”.
وبحسب خبراء، فإن تلك المهمة “ستكون معقدة للغاية ومليئة بالتحديات”، لدرجة أنه “من غير الواضح كم من الوقت ستستغرق”، خاصة أن حماس “جمعت ترسانة صاروخية هائلة منذ دخول الجنود الإسرائيليين إلى القطاع آخر مرة في عام 2014”.
كما قامت بحفر وتشييد مئات الكيلومترات من الأنفاق، لنقل المسلحين والأسلحة، دون أن يتم اكتشافها، وفق الصحيفة البريطانية.
وحتى هجوم السبت الصادم، كان الجيش الإسرائيلي “مقتنعا بأنه كان على علم بتكتيكات حماس، حيث أنفق المليارات على أجهزة استشعار للكشف عن التحركات تحت الأرض وبناء حاجز لمنع الأنفاق من الوصول إلى داخل إسرائيل”.
وأضافت الصحيفة: “الآن، مع حشد 300 ألف جندي إسرائيلي على حدود غزة وقصف القوات الجوية لأهداف تابعة لحماس، يبدو أن الجيش الإسرائيلي على شفا عملية برية لم يسبق لها مثيل، منذ (حرب لبنان) عام 1982”.
هجوم حماس هو الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل منذ عقود
وفي هذا الصدد، أوضح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الرائد نير دينار: “حماس مستعدة بشكل جيد للغاية، لكننا نعرف ذلك أيضًا، لذلك قمنا بتحسين أدواتنا وأساليبنا”.
وقتل ما لا يقل عن 66 جنديا إسرائيليا و6 مدنيين خلال الحرب مع حماس عام 2014، بينما سقط من الفلسطينيين 2133 شخصًا، من بينهم 1489 مدنيًا، وفقًا للأمم المتحدة.
كما تم تهجير 500 ألف شخص، بعد أن تحولت مساحات واسعة من القطاع إلى أنقاض.
وفي حال اجتياح غزة بريا، فإن الجيش الإسرائيلي “سيقاتل عدواً يستغل الفخاخ المتفجرة ومواقع القناصة المخفية، فضلاً عن مجموعة من التكتيكات منخفضة التقنية، لإضعاف القدرات التكنولوجية الإسرائيلية”، وفق الصحيفة.
وبحسب العقيد المتقاعد في الجيش الإسرائيلي، شمعون أراد، فقد “منعت شبكة الأنفاق في غزة، قوات بلاده من القيام بعمليات برية واسعة النطاق داخل القطاع في الحروب السابقة”.
وسيستخدم الجيش الإسرائيلي ما يسمى بـ “عقيدة النصر”، والتي تتطلب من القوات الجوية أن يكون لديها مجموعة كبيرة من الأهداف التي تم فحصها مسبقًا، وتدميرها بطريقة سريعة.
وقد بدأ الأمر بالفعل، حيث تقصف الطائرات المقاتلة بشكل مكثف مساحات واسعة من غزة، وتتوقف فقط للتزود بالوقود، وغالبًا ما تحدث عملية التزود بالوقود في الجو، حسب الصحيفة.
وقال الضابط الأميركي السابق، جون سبنسر، الذي يرأس قسم دراسات حرب المدن في معهد الحرب الحديثة في الأكاديمية العسكرية الأميركية، المعروفة باسم “ويست بوينت”: “ستكون الأمور دموية للغاية.. لا يمكن تغيير طبيعة حرب المدن، لذلك سيكون هناك الكثير من الأضرار الجانبية”.
وقد طورت إسرائيل بعضًا من أحدث التدريبات على حرب المدن في العالم استعدادًا لمثل هذه الصراعات، حيث لا تزال تجري مناورات معقدة في منشأة تبلغ مساحتها 5000 فدان (أكثر من 20 كيلومترا مربعا) في جنوب إسرائيل.
وكشف تقرير “فايننشال تايمز”، أنه كان قد جرى بناء تلك المنشأة عام 2005، “لتبدو وكأنها مدينة شرق أوسطية، حيث تضم 600 مبنى، بما في ذلك مساجد وأحياء عشوائية وشوارع وأزقة ضيقة”.
إسرائيل تريد تجنب إعادة احتلال غزة، وفق ما ذكرته واشنطن بوست، واستهدفت الغارات الجوية على القطاع المحاصر كبار قادة الحركة وتسببت في سقوط ضحايا مدنيين على نطاق واسع.
وإحدى التقنيات العسكرية التي بالإمكان استخدامها، هي دخول المباني عن طريق اختراق الجدران الجانبية، لتجنب الأبواب المفخخة.
وبمجرد الولوج إلى المبنى، يقوم الجنود بتفجير الجدران والسلالم الداخلية، والانتقال عبر الأبنية، وبالتالي يمكن تجنب نيران القناصة.
وهناك تكتيك آخر يتمثل في استخدام الجرافات المدرعة التي يبلغ ارتفاعها 3 طوابق، لتمهيد الطريق أمام الوحدات التي تقاتل على الأرض.
وهنا يوضح، أنتوني كينغ، أستاذ دراسات الحرب في جامعة إكستر ومؤلف كتاب “الحرب الحضرية في القرن الحادي والعشرين”، إن “الخطوة الأولى المحتملة لإسرائيل ستتضمن عمليات يمكن تشبيهها بأسطوانة متعددة الطبقات”.
ويشرح: “ستتواجد الطائرات بدون طيار الصغيرة والمروحيات الهجومية في أدنى طبقة، وفوقها طائرات المراقبة، ثم الطائرات المقاتلة، وفي أعلى (الأسطوانة) ستتواجد طائرات الاستطلاع الاستراتيجية، مع ربط جميع الطبقات ببعضها البعض”.
وزاد: “الخطوة التالية ستشهد مرور المدرعات في الشوارع وقوات المدفعية، لتفجير الطرق وتمهيدها، وبالتالي سيكون الأمر مدمرا للغاية”.
وقبل أن تتمكن القوات الإسرائيلية من الوصول إلى معاقل حماس الحضرية، يتعين عليها اختراق سلسلة من الخطوط الدفاعية التي ستشمل الألغام ومواقع الكمائن ومدافع الهاون، وذلك وفقا لمراجعة حديث أجراه المستشار الأمني الإسرائيلي السابق، نداف موراغ.
من جانب آخر سيتطلب اختراق الأنفاق “قتالا مكثفا واستخدام للقنابل الإسفنجية”، وهو مركب كيميائي يغلق المداخل الصغيرة، حسب الصحيفة.
وأوضح سبنسر: “تلك القنابل لا تدمر الأنفاق، لكنها تسمح للقوات بالمضي قدمًا دون أن تضطر إلى إخراج قوات العدو من كل نفق”.
وبحسب خبراء، فإن تفكيك حماس مع إنقاذ المختطفين الإسرائيليين وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين، سيكون “مهمة معقدة للغاية بالنسبة للجيش الإسرائيلي”.
فخلال الحرب بين إسرائيل وحماس عام 2021، تم تحذير المدنيين من خلال المنشورات ومكبرات الصوت والهواتف لإخلاء مناطق المعركة قبل شن الضربات.
لكن الأمر لم يعمل دائمًا كما هو مخطط له، فحتى عندما تصيب النيران الدقيقة “مواقع العدو” في أحد المباني، فإنه بإمكان المسلحين الانتقال إلى مبنى آخر إلى أن يتم تدميره، وهكذا دواليك.
اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إسرائيل باستخدام ذخائر الفسفور الأبيض في عملياتها العسكرية في غزة ولبنان قائلة إن استخدام مثل هذه الأسلحة يهدد المدنيين بالتعرض لإصابات خطيرة وطويلة الأمد.
وفي هذا الصدد، حذر أولمرت من أن “نتانياهو والجيش الإسرائيلي يواجهان مأزقاً أخلاقياً، فاستخدام القوة الجوية لمهاجمة حماس يزيد من خطر وقوع خسائر في صفوف المدنيين، بينما الاعتماد على القوات البرية سيكون أكثر دقة، لكنه يزيد من المخاطر على الجنود الإسرائيليين”.
وأضاف: “الأمر يتلخص في أمر واحد: هل نحن مستعدون للقيام بعمل ينطوي على مخاطر كبيرة للجنود الإسرائيليين، أم أننا سنختار استراتيجية من شأنها أن تتسبب في مقتل عدد أكبر من الأشخاص غير المتورطين بشكل مأساوي”.
وختم بالقول: “مما أعرفه عن الرأي العام الإسرائيلي في الوقت الحالي، فإن الدافع سيكون القيام بمخاطرات أقل”.
و قال نتانياهو في كلمة بثها التلفزيون: “أعداؤنا بدأوا للتو في دفع الثمن. لا أستطيع الكشف عما سيحدث، لكنني أقول لكم إن هذه مجرد البداية”.
والجمعة، أعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته البرية والمدرعة داهمت قطاع غزة “في الأربع وعشرين ساعة الماضية”، قبيل هجوم برّي متوقع على القطاع الفلسطيني المكتظ بالسكان.