عربدة رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو بالإقليم، ما هى إلا تمهيد أو تسريع لحرب عالمية أو على الأقل إقليمية كبري، فلا يمكن أن تستمر دائرة الدم، لتعلو دبلوماسية الاغتيالات السادية، وتجبر الجميع على كلمتها.
لكن الفكرة في هل الطرف الآخر موافق على الحرب؟!، ويشتعل الإقليم بحرب بين قاعدتين جديدتين، وهما “وحدة الاغتيالات” ردا على “وحدة الجبهات”!
هل تقبل روسيا والصين وكوريا الشمالية ، هذه المهانة التى عرض لها خونة إيران بلادهم، حتى أنها أصبحت الحظيرة الخلفية لعمليات الموساد، رغم أنها من المفروض أنها دولة شبه نووية؟!
إيران من دولة نووية لمقبرة دموية
لكن هذا المصير الطبيعي لكل من يسلم بلاده للمتأسلمين الخونة، لتتحول دولة كبري مثل إيران إلى مجرد مقبرة كبيرة لقياداتها من مختلف الخلفيات، العسكرية والعلمية والرئاسية والسياسية، وتنتهك سيادتها لتنهب وثائق برنامجها النووى بعشرات الآلاف من المستندات ، ويغتال فيها رئيس حركة حماس بهذه الطريقة المهينة والموجعة، وهو المفروض أنه في أكثر المناطق حماية في طهران، وبعد مدة وجيزة من اغتيال الرئيس الإيرانى السابق رئيسي بطريقة غامضة.
هل الاغتيالات .. هدف نتنياهو ؟!
على هذا المنوال، هل الاغتيالات فقط هدف نتنياهو، على أثارها القوية بالطبع ، ويتضح فيها الموالسة والاتفاق بشكل كبير، أم يريد جرّ إيران إلى حرب يسهل بعدها ضرب مفاعلاتها النوويّة؟
دخلَت المنطقة منعطفاً خطراً بعد اغتيالات مُتزامنة بدأت مع اغتيال القائد العسكريّ لحزب الله فؤاد شكر (السّيد محسن) في الضّاحية الجنوبيّة لبيروت ، ورئيس المكتب السّياسيّ لحركة حماس إسماعيل هنيّة في طهران. وبين الاغتياليْن سقطَ عددٌ من خبراء صناعة وتطوير الطّائرات المُسيّرة تابعون لكتائب حزب الله العراقيّ، أبرزهم أبو حسن المالكي، وقيادات للحرس الثورى في دمشق، واليد اليمنى للسنوار وحديث غير مؤكد عن مقتل ضيف في غزة، دون اهتمام كبير بهذه العمليات، لأنها أصبحت خسائر اعتيادية على أهميتها.
لا يفوتك
وحدة الاغتيالات ووحدة الساحات
سلسلة اغتيالاتٍ متزامنة تقريبا في مناطق مختلفة تتحدّى نظريّة “وحدة السّاحات” التى أطلقتها جبهات إسناد المقاومة ، بما يمكن تسميته “وحدة الاغتيالات” وأعلنت إسرائيل الطوارئ في سبع جبهات دفعة واحدة لمواجهة أي تهديدات متوقعة، الضفة وغزة واليمن والعراق ولبنان وإيران وسوريا ، ولا استبعد أن تكون تسعة فلا تذكر بشكل علنى مصر والأردن، لكن حتى الآن نحن في حالة انتظار، للتصعيد القادم، أم أن الأمر لن يخرج عن نطاق كذبة إبريل الماضي، حيث تبادل الهجوم الإيرانى الإسرائيلي المتفق عليه.
وتضع هذه الضغوط محور المقاومة برمّته من الضّاحية إلى طهران مروراً ببغداد واليمن، أمام خياريْن، أحلاهما مُرّ. فإمّا السّكوت وتلقّي المزيد من الضربات الموجعة المفصلية، وإمّا التّصعيد وإعطاء بنيامين نتنياهو ما يُريد، وهو فرصة ضربِ البرنامج النّوويّ الإيرانيّ، أو الحدّ من نفوذ طهران العسكريّ في المنطقة، وإنهاء القضية الفلسطينية تماما واستمرار الحرب في غزة، بل وتمهيد غير مستبعد لإسرائيل الكبري، في وقت تنهار فيها الدول حول إسرائيل، باستثناء مصر ومعسكرها المتابع عن كثب.
الموقف الأمريكي..بين الصدمة والموالسة
الأمريكان أكدوا عدة مرات أنهم لا يعلمون شيئا عن الاغتيالات، لكن نتنياهو قد عادَ لتوّه من الولايات المتحدة. وهو يحاول الإيحاءَ بأنّ اغتيال شُكر وهنيّة نالَ موافقة مُسبقة من الإدارة الأميركيّة. إلا أن الواقع يقول عكس ذلك. فإن كانت واشنطن لن تُعارض استهداف شُكر لأنّه مطلوبٌ على لوائحها بقضيّة استهداف المارينز عام 1983، إلا أنّها في الوقت عينه لن تقبل بضرب العاصمة الإيرانيّة التي تفاوضها على ملفّات المنطقة كلّها.
الولايات المتحدة لم تعلم باستهداف هنيّة إلّا بعد العمليّة. ذلك أنّ نتنياهو يعلم جيّداً أنّ واشنطن لن توافق على أيّ ضربة في قلب إيران قد تجرّ الأخيرة لردّة فعل مُختلفة عن ١٣ إبريل، لكن في المقابل أمريكا لم تغضب أيضا، وهذا واضح في ردود فعل قياداتها على كل المستويات وفي كل الملفات.
شيطان الرياح
الصاروخ الإسرائيلي الجديد “شيطان الرّياح”، والذي كشفنا عنه مؤخرا في تغطيات سابقة، هو الغالب قاتل هنية، كما هو المحرك الحاسم في الهجمات الإسرائيلية باليمن، وهو صاروخ كروز مُطوّر خفيف رأسه الحربيّ يزن 20 كيلوغراماً، ويطلق من مسافات بعيدة، وهو ما يحدّ من كلفة تشغيل الطائرات وتعريضها للانكشاف.
ويُطلَق نحوَ الأهداف الثّابتة والمُتحرّكة وفقَ إحداثيات مُحدّدة مسبقاً من دون حاجة إلى تدخّل المُشغّل. وله قدرة عالية على تجاوز الرّدارات والدّفاعات الجوّيّة بسبب تحليقه على ارتفاعات منخفضة وتمتّعه بنظام ملاحة مُتطوّر.
روايات الاغتيالات
لكن الروايات تتزايد وتختلف خلال الأيام التى عملية تصفية هنية، ويساعد في زيادة الغموض الإصرار الإيرانى على التعتيم على التفاصيل، مما يؤكد تعاونها بشكل أو آخر في اتفاق مع إسرائيل وأمريكا، لإخراج المشهد بهذه الصورة، لتدمير دولة كبري مثل إيران من خلال خونتها.
صحيف “نيويورك تايمز” الأمريكية جذبت الأنظار لرواية مثيرة أخرى، تابعها الكثيرون، وهى أنّ هنية قُتِلَ بعبوة ناسفة زرعَت في غرفته في بيت الضيافة منذ فترة طويلة، وفعل المفجر عن بعد مع دخوله، مما يؤكد وجود خونة، اتهم بعض الإيرانيين فيها حراس هنية، الذي مات واحد منهم في العملية.. لكنّ رواية حماس والحرس الثوري الرسمية تؤكّد أنّ هنيّة اغتيل بغارة أو قذيفة. هذا قد يعني أنّ رواية الصحيفة الأميركية تهدف إلى تخفيف وطأة “شكل الاغتيال” لاعتباره عملاً أمنياً وليس عسكريّاً، وبالتالي فتح المجال أمام إيران لتخفيف وطأة الرّد.
اعتراف وتجاهل
هل هى مصادفة، اعترف نتنياهو باغتيال فؤاد شكر ولم يعترف بهنية رغم احتفال وزراءه ونوابه، مع تعليمات بالصمت وعدم التعليق، وبدأ تنفيذ الاغتيالات بعد دخول الكنيست الإسرائيليّ إجازته السّنويّة، وهو ما يعني أنّ فرصَ إسقاط حكومته من المُعارضة لم تعد ممكنة إلّا بعد 3 أشهر.
والأكثر من ذلك أن اغتيال هنيّة جاء بعد إعلان نتنياهو في أمريكا تقديم مقترحات جديدة لصفقة الهدنة، وبعد اجتماع روما لبحث صفقة التّبادل يومَ الأحد الماضي بساعات، في إحراج واضح لعدة أطراف من ضمنها مصر وقطر وأمريكا، وبذلك هو يفجر المفاوضات أو يمهد لتنازلات كبيرة جدا من حماس، لكن ماذا ستفعل مصر، حيث يصر نتنياهو على البقاء في محور فيلادلفيا ومعبر رفح.
أهداف نتنياهو
وفجر نتنياهو باغتيال هنية في طهران، وقت تنصيب الرئيس الإيراني الإصلاحى الجديد مسعود بزشكيان رئيساً في إيران. الداعى للحوار مع الغرب لرفع العقوبات عن بلاده، أى محاولات إيرانية للتقارب مع الغرب، وهذا سيناريو خطير على إسرائيل، وبالتالى كان يجب الوقيعة بين إيران والغرب من جديد.
وها هو يدعو لتحالف دولى ضد إيران، مشابه للتحالف الذي صد الهجوم الإيرانى الأول، بحجة أن طهران تستغل الأجواء الدولية وتسارع للحصولىعلى القنابل النووية، ويبدو من تسرع نتنياهو أنها اقتربت كثيرا، وسهل ذلك أن أمريكا مرتبكة ومشغولة في الانتخابات، مع إدارة ديمقراطية تلهث لإنقاذ نفسها، ورئيس جمهوري سابق يصارع للعودة للبيت الأبيض.
لا يفوتك
رواية إسرائيلية جديدة عن تصفية هنية .. ودور إبنه المثير!
نتنياهو ليس بهذه القوة
إن كان يتصور البعض أن نتنياهو قويا، فهو لا يتابع المشهد بدقة، لكن الفكرة في أنه يستغل تطورات الأحداث بشكل جيد، ولا تمثل أى ضغوط عليه شيئا في قراره، حتى أسر المختطفين، خاصة أنه وفريقه لا يهمهم إن يكونوا أحياء أو أموات.
ويلعب نتنياهو جيدا مع قياداته المخابراتية المختلفة بالخونة الموجودين في صفوف حماس وإيران، ولا يمكن تغييب أن هذه التطورات كانت تتم في أجواء داخلية عصيبة اعتبرها محللون إسرائييون مؤشرات لحرب أهلية، حيث وقائع اقتحام معتقل “ساديه تيمن” جنوب فلسطين التاريخية، والذي كان يحاكم فيه ٩ جنود إسرائيليين بتهمة اعتداءات جنسية على أسري من غزة، وهؤلاء المعذبون المنكل بهم، من الممكن جدا أن يكونوا أحد العناصر المعلوماتية المهمة لمخابرات نتنياهو خلال الفترة الأخيرة.
سيناريوهات التصعيد
المرتقب حدوثه كله في الغالب لصالح نتنياهو:
لو هجمت إيران على إسرائيل بقوة، فذلك سيكون وقيعة من ناحية مع الغرب، وحجة لنتنياهو بضرب المنشآت النووية الإيرانية والإنهاء على البرنامج النووى الايرانى تماما، كما يحلم.
ولم تهاجم، ستكون إيران أرضا مستباحة أكثر وأكثر، والنتيجة واحدة، تدمير البرنامج النووى.
هل يغتال نصر الله؟!
والأمر لا يختلف مع حزب الله، فلو كانت ردود اعتيادية، سيرد نتنياهو في الجنوب فقط، كما هو حادث بالفعل، وبتعليمات أمريكية، يصور نتنياهو البعض أنه لايزال يستمع للأمريكان من خلال أفعال كهذه.
وإن توسع حزب الله المنزعج جدا على مصير قائده التاريخي نصر الله القريب من الأيادى الإسرائيلية وفق المروج، ستكون الضحية لبنان، وهذا أيضا ما يريده نتنياهو لاستعراض قوته استعدادا لما سيحدث في إيران.
المعطل الوحيد
الأمر فقط المعطل لنتنياهو هو الكمية الكبيرة من الأسلحة التى يستطيع أن ينفذ بها كل هذه المخططات، فهل تمده أمريكا ومعسكرها بما يريد؟!